إقصاء الإسلام :اضطهاد الصين لأئمة الأويغور ورجال الدين

June 29, 2021

ملخص تنفيذي

عانى الأويغور وغيرهم من الشعوب التركية في تركستان الشرقية (المعروفة أيضًا باسم منطقة شينجيانغ أويغور ذاتية الحكم في الصين) منذ وقتٍ طويلٍ من سياسات الحكومة الصينية القمعية التي تستهدف هويتهم الثقافية. وقد كانت الزعامات الدينية بصفةٍ خاصة عُرضةً لانتهاكات الدولة بشكلٍ متكرر.

ويقدم هذا التقرير أدلة جديدة تبين بالتفصيل مدى استهداف الشخصيات الدينية الأويغورية على مرِّ الزمن. وقد جَمَعنَا باستخدام المصادر الرئيسية والثانوية مجموعة بيانات تتألف من 1046 حالة لأئمةٍ أتراك وشخصيات دينية أخرى من تركستان الشرقية تم احتجازهم منذ العام 2014 لعلاقتهم بالتعليم الديني والقيادة المجتمعية. إلا أنه لا ينبغي تفسير إجمالي الحالات الواردة في مجموعة البيانات على أنها تقدير للعدد الإجمالي للأئمة المُحتَجَزين أو المُعتقلين. ومن المرجح أن إجمالي الحالات التي استعرضناها لا يمثل سوى غيض من فيض، نظرًا للقيود المشددة المفروضة على الوصولِ إلى المعلومات.1أُدرجت 30 حالة إضافية من عام 1999 إلى عام 2013.

من بين الحالات الواردة في مجموعة بياناتنا 428 شخصًا (ما نسبته 41%) سُجنوا في سجون رسمية (بما في ذلك 304 أشخاص محكوم عليهم بالسجن)، 202 شخص (ما نسبته 19%) الاعتقال الاعتقال (مراكز إعادة التعليم). كما توفي 18 شخصًا أثناء احتجازهم أو في السجن أو بعد ذلك بوقتٍ قصير. واستعرضنا العديد من حالات الاحتجاز المزعومة التي تفتقر إلى تفاصيل هامة عن الحالات.24 اختار مشروع حقوق الإنسان للأويغور (UHRP) استخدام مصطلح “معسكر اعتقال” والذي يصف المعسكرات التي بُنيت لاستيعاب أعداد كبيرة من الأويغور والشعوب التركية الأخرى، نظرًا لأن هذا المصطلح يشير إلى الاحتجاز الجماعي للمدنين دون أي محاكمة، على أساسٍ عرقي أو ديني أو سياسي في أغلب الأحيان. أندريا بيتزر, الخبيرة البارزة فيما يخص معسكرات الاعتقال تعتبر مراكز الاعتقال في تركستان الشرقية على هذا النحو. يمكنك قراءة مقالة “في ذكرى تحرير أوشفيتز, يسلط الكاتبُ الضوء على معسكرات الاعتقال الحديثة” على موقع هيئة الإذاعة الكندية 27 يناير 2020, https://www.cbc.ca/radio/thecurrent/on-anniversary-of-auschwitz-liberation-writer-calls-attention-to-modern-day-concentration-camps-1.5442253

وتُظهرُ مجموعةُ البيانات أنَّ الحكومةَ استهدفت في الغالب ذكورًا من الشخصيات الدينية الأويغورية والذين ولدوا بين عامي 1960 و1980. إلا أنه قد تم أيضًا اعتقال عدد كبير من أقلية رجال الدين المسلمين الكازاخيين من نفسِ المجموعة السكانية تقريبًا، فضلًا عن العديد من الشخصيات القيرغيزية والأوزبكية والتتارية، مما يشير إلى تزايد الاضطهاد واتساع رقعته. ويتعلق ما يصل عدده إلى 57 حالة من مجموعة بياناتنا (تصل نسبتها إلى 5%) بأفرادٍ تزيد أعمارهم عن الـ 60 عامًا.

ويُقدم ارتفاع معدل أحكام السجن (مقابل الاحتجاز لفتراتٍ قصيرةٍ في المعسكرات) في مجموعة بياناتنا أدلة حول أهداف ودوافع سياسة الحكومة الصينية فيما يتعلق بالشخصيات الدينية.  حيث أن إصدار أحكام بالسجن على 41% من الأفراد في مجموعة بياناتنا يوضح نية الحكومة الصينية ليس فقط في تجريم التعبير أو الممارسة الدينية، بل وأيضًا في اعتبار الأئمة مجرمين بحكم مهنتهم.

تُشير كثيرٌ من الحالات إلى أن تعريف الحكومة لمصطلحاتٍ مثل “غير قانوني” أو “متطرف” كان غامضًا وغير واضح لسنوات، ومن المرجح أن يكون ذلك متعمدًا وعن قصد. ونتيجةً لذلك، فقد حُكِمَ على رجال دينٍ أتراك في تركستان الشرقية بالسجن لممارستهم وتعبيرهم عن شعائرهم الدينية اليومية المحمية بموجب معاهدات حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا وفي الصين على حدٍ سواء.

وتشمل أسباب السجن في الحالات التي استعرضناها تعليم ديني “غير قانوني” (للأطفال في أغلب الأحيان)، والصلاة خارج مسجد معتمد من الدولة، وحيازة مواد دينية “غير مشروعة”, والتواصل أو السفر إلى الخارج، والنزعة الانفصالية أو التطرف، والوعظ والإرشاد في حفلات الزفاف والجنازات، فضلًا عن تهمٍ أخرى تستهدف ببساطة الانتماء الديني. وتشمل مجموعة البيانات حالات أحكام بالسجن لمدة 15 عامًا أو أكثر بتهمة “تعليم الآخرين الصلاة”, و “الدراسة لمدة ستة أشهر في مصر”, و “رفض تسليم نسخة من القرآن لحرقها”, وكذلك الحكم بالسجن مدى الحياة لـ “نشر العقيدة وتنظيم الأفراد”.3تعرّف الحكومة الصينية مصطلحي النزعة الانفصالية والتطرف على نطاقٍ واسع للغاية واستخدمتاهما لتبرير احتجاز الأويغور لأسباب مشكّك بها.

وفي وقتٍ من الأوقات كانت الحكومة تعاقب بعض المُعتَقَلين رسميًا لعملهم كأئمة، الأمر الذي يشير إلى أنّ “إجرام” الأئمة هو نتيجة لانقلاب السياسة. كما تُشير عدة حالات أيضًا إلى أنّ الحكومة طبّقت أحكامًا بأثرٍ رجعي على انتهاكات مزعومة وقعت قبل سنوات.

كما تُشير مجموعة بياناتنا إلى تزايد كبير في الأحكام الصادرة على الشخصيات الدينية في عام 2017, مع متابعة البيانات الحكومية المتوفرة عن كثب. فمن بين الحالات الـ 304 التي استعرضناها والتي تضمنت بيانات عن طول مدة العقوبة، ما نسبته 96% منها تضمنت أحكامًا بالسجن لمدة خمس سنوات على الأقل، وما نسبته 25% منها تضمنت أحكامًا بالسجن لمدة عشرين سنة أو أكثر، بما في ذلك 14 حكمًا بالسجن مدى الحياة وذلك بِتُهمٍ غير واضحة في كثير من الأحيان.4يمكنك قراءة مقالة كريس باكلي بعنوان “سجون الصين تنتفخ بعد طوفان اعتقالات يبتلع المسلمين” في صحيفة نيويورك تايمز, 31 أغسطس 2019, https://www.nytimes.com/2019/08/31/world/asia/xinjiang-china-uighurs-prisons.html

وبالإضافةِ إلى جَمْعِ البيانات عن الاحتجاز وفرزها، فقد أجرينا أيضًا مقابلات مع أئمة من الأويغور خارج تركستان الشرقية، وكذلك ابن إمام مُعتَقَل حاليًا. وقد كَشَفَ الأشخاص الذين أجرينا معهم المقابلات عن تفاصيل الاضطهاد والمضايقات التي يتعرضون لها على مدى عدة عقود من الزمن وذلك لدورهم في خدمة تجمعاتهم المحلية. بيَّن الأئمة أنهم يواجهون درجات متفاوتة من الاضطهاد منذ الثمانينات حتى فرّوا من المنطقة في عامي 2015 و2016 نتيجةً للرصد والمراقبة والتهديد بالاعتقال. وتسد قصصهم العديد من الثغرات في فهمنا للتأثيرات الميدانية لسياسات الحكومة الصينية على مر الزمن، فضلًا عن أشكال المقاومة اليومية على المستوى المحلي.

أقرّت السُلطات الصينية في تركستان الشرقية في التسعينات والألفية الجديدة عددًا كبيرًا من اللوائح والقوانين التي تحكم الدين من المستوى الوطني إلى المستوى المحلي، وتدعم اللوائح الجديدة بتعهدات الولاء الإلزامية، والدورات التدريبية والامتحانات التي تُديرها الدولة، وتعزيز الرقابة على الأئمة وذلك لإبقاءِ التعليم الديني تحت رقابة صارمة. دفعت احتجاجات الأويغور في التسعينات، والتي نَتَجَت عن القيود المفروضة على الممارسة الثقافية، حكومةَ الإقليمِ إلى تشديد سياساتها بشكلٍ أكبر، الأمر الذي أدّى إلى إدامة واستمرار دورة الهيمنة والسيطرة بشكلٍ مُحكم في الألفية الجديدة.

ويُفيدُ الأئمة الذين قابلناهم بأنهم تعرضوا للمراقبة المستمرة والمتابعة والتدقيق والتوجيه فيما يتعلق بعملهم في المساجد، الأمر الذي وَصَلَ إلى حدٍّ شعروا فيه أنهم لم يعودوا يؤدون دورًا إيجابيًا في عملهم. وقد قرَّرَ جميع مَن قابلناهم الفرار من تركستان الشرقية بسبب سياسات الحكومة الصارمة والمشدّدة ومخاوفهم من احتمال اعتقالهم. فقد شَهِد عام 2017 زيادةً متفجّرةً في المعسكرات المُخصصة لاعتقال الأويغور تعسفيًا وبشكلٍ جماعي، الأمر الذي أكَّد تلك المخاوف.

6 يمكنك قراءة مقالة كريس باكلي بعنوان “سجون الصين تنتفخ بعد طوفان اعتقالات يبتلع المسلمين” في صحيفة نيويورك تايمز, 31 أغسطس 2019, https://www.nytimes.com/2019/08/31/world/asia/xinjiang-china-uighurs-prisons.html

يوضح هذا التقرير أنّ الأئمةَ والشخصيات الدينية الأخرى، على غِرارِ مَن ينتمون إلى الطبقةِ المثقفةِ في مجتمع الأويغور، هم في صميم ما يمكن أنْ يُوصَفَ بدوائر القمع المركزية. فقد استهدفت حكومة جمهورية الصين الشعبية القيادات الدينية لعقودٍ طويلةٍ. وكذلك فَعَلَ أيضًا قادة ما قبل جمهورية الصين الشعبية، نظرًا لعدم ارتياحهم للهويات والمجموعات التي قد تنافس نفوذ السلطات المركزية. ولمَّا كانت جميع الشعوب التركية في تركستان الشرقية تواجه ضوابطًا حكوميةً صارمةً في السنوات الأخيرة، وفي الوقت الذي أصبحت فيه السُلطات الحكومية المُتقلبة بشكلٍ متزايد على استعدادٍ لاعتقال أي شخص تقريبًا، كانت الشخصيات الدينية مُستهدَفَةً مبكرًا وبشدة.

كما بذلت الحكومة الصينية جهودها لاعتقال رجال الدين الأويغور وإصدار الأحكام عليهم في إطار حملة تقودها الدولة لتغيير أو تدمير المواقع الدينية والثقافية بالكامل مثل المساجد والأضرحة والمقابر. وَوَجَدَ الباحثون أنه منذ حوالي عام 2017, تم تدمير أو إتلاف ما يصل إلى 16000 مسجد في تركستان الشرقية (حوالي 65% من إجمالي المساجد) وذلك نتيجةً لسياسات الحكومة إلى جانبِ هدم ما يُقدر بنحو 8500 مسجد بالكامل. وفي الوقتِ ذاته، تم هدم حوالي 30% من إجمالي المواقع الإسلامية المقدسة المهمة مثل الأضرحة والمقابر وطُرُق الحجّ، كما تم تغيير وإتلاف ما نسبته 28% من هذه المواقع، معظمها منذ عام 2017.5 أُنظر مقالة معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي بعنوان: “المحو الثقافي: تتبع تدمير أماكن الأويغور الإسلامية في شينجيانغ” 24 سبتمبر 2020 https://www.aspi.org.au/report/cultural-erasure. للاطلاع على تقرير سابق حول  تدمير التراث الديني, أُنظر مشروع حقوق الإنسان للأويغور (UHRP): ” هدم العقيدة: تدمير وتدنيس مساجد وأضرحة الأويغور” أكتوبر 2019 https://uhrp.org/press-release/demolishing-faith-destruction-and-desecration-uyghur-mosques-and-shrines.html

ونتيجةً لذلك، وحتى في حال عدم اعتقال الأئمة أو إجبارهم على ترك ومغادرة مساجدهم، فإن تدمير أماكن عبادتهم يعني أنه لا مكان لهم للوعظ والإرشاد أو الصلاة، وذلك نظرًا لحظرِ ممارسة الشعائر الدينية في المنازل. وقد بدأت الحكومة الصينية في قصرِ الممارسات الدينية على المساجد وفقًا للقانون في التسعينات والألفية الجديدة، وذلك لتبدأ في وقتٍ لاحقٍ بتدمير المساجد نفسها التي كانت بمثابة الأماكن “القانونية” الوحيدة لممارسة الشعائر الدينية.

فإضافة إلى القيود الصارمة التي فرضتها الحكومة الصينية على الأئمة ورجال الدين، وتدمير الأماكن التي يمارسون بها أنشطتهم وأعمالهم، فقد سعت إلى إجراء حملة واسعة النطاق لمنع وحظر كافة الممارسات الإسلامية الأساسية لشعب الأويغور. ففي سياق ممارسة سياستها، حظرت السلطات التدريس الديني في جميع مراحله التعليمية؛ وحظرت استخدام الأسماء الإسلامية المألوفة لتسمية أطفال الأويغور مثل اسم محمد ومدينة، كما منعت الرجال في الأويغور من إطلاق اللحى والنساء من ارتداء الحجاب، وقادت حملة كبيرة لمنع ختم أو وسم كلمة “حلال” على المنتجات الغذائية المعروفة بأنها حلال. كما أقرت بأن تأدية فريضة الحج دون موافقة الحكومة يعتبر جريمة، واعتمدت قانوناً يعمم على نطاق واسع بأن الممارسات الدينية اليومية عبارة عن “تطرف”، الأمر الذي دفع مجموعة من خبراء الأمم المتحدة المستقلين إلى الدعوة لإلغاء تلك الممارسات بالكامل.6رسالة أخرى مشتركة إلى الصين بشأن الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، OL CHN 21/2018، في 12 تشرين الثاني 2018،  spcommreports.ohchr.org/TMResultsBase/DownLoadPublicCommunicationFile?gId=24182

من جهة أخرى، بدأ ممثلي الولاية في السنوات الأخيرة بممارسة أعمال مذلة ومهينة على الأئمة ورجال الدين بشكل مقصود، يشمل ذلك إجبارهم على الرقص في الأماكن العامة أو المشاركة في أنشطة مهينة لهم كغناء تلك الأغاني التي تمدح الحزب الشيوعي الصيني ((CCP. حيث أدلى أحد الأئمة ممن أُجرى مقابلة معهم ضمن مشروع (UHRP) بشهادته قائلاً أنه قد أُجبر هو ومئات الأئمة الآخرين على ارتداء ملابس الرياضة ثم الرقص في الساحات العامة في عام 2014.7 ذا اكسبريس تريبيون، “قمع الحريات الدينية: إجبار الأئمة الصينيين على الرقص في منطقة شينجيانغ”، 18 نيسان 2015، www.tribune.com.pk/story/871879/suppressing-religious-freedoms-chinese-imams-forced-to-dance-in-xinjiang-region/. انظر أيضاً صوت الإسلام في الصين، أئمة يرقصون على صوت أغنية تيارآ “التفاح الصغير” في أوتش توربان، شينجيانغ”، 25 آذار 2015، soundislamchina.org/?p=1053

لقد جمع الصحفيون والباحثون والخبراء هذه الأدلة حتى يوضحوا من خلالها كيفية صياغة الحكومة الصينية لسياستها في القضاء على الجوانب الرئيسية للممارسات الإسلامية. حيث بذلت السلطات الصينية جهودها للسماح بممارسة بعض الشعائر الإسلامية في تركستان الشرقية كوسيلة لإظهار مدى التزام الحكومة المزعوم باحترام “الأنشطة الدينية المعتادة”. تتباهى الحكومة، على سبيل المثال، بأنها شجعت “تثقيف وتدريب الموظفين” من خلال تشغيل معاهد التدريب، ولكن هذه المدراس قدمت خدماتها لفترات طويلة للرقابة على الأئمة وتعليمهم. ويتم التنسيق بشكل دقيق حتى يسمح للأويغور بالتعبير عن الهوية الدينية عبر وسائل الإعلام الصينية، حيث يتم ترديد شعارات الحزب وسياساته وتُكذب أي أدلة مقدمة في هذا التقرير أو في أي مكان آخر. فالممارسات الدينية التي ما زال شعب الأويغور محتفظاً بها ما هي إلا مجرد قشور للممارسات التي يؤديها المسلمين في باقي بقاع الأرض.

استهدفت الحكومة الصينية تلك الفئة المؤثرة والمثقفة من شعب الأويغور وغيرهم من الشخصيات الدينية من شعوب الترك في محاولة واضحة لمنع تناقل العلوم والمعارف الدينية بين الأجيال في تركستان الشرقية. وتعمل الحكومة الصينية على القضاء على الممارسات الدينية الحرة دفعة واحدة وذلك من خلال فرضها لقيود تقليص الممارسات الدينية القانونية للأفراد ممن تزيد أعمارهم عن 18 عاماً داخل حدود المساجد التي تسمح بها الدولة والتي يديرها أئمة معتمدون لديها، إضافة إلى منعها منعاً باتاً تعليم مساق الدين للأطفال داخل البيوت، وإقدامها في أوقات أخرى على هدم بعض الهياكل الدينية التي وافقت عليها الدولة. ففي ظل كل هذه الضغوط والقيود، سيكون من الصعب جداً بل من المستحيل على شعب الأويغور الاحتفاظ بأي مظهر من مظاهر التعبير الديني في السنوات القادمة.

تتشابه أهوال الحملة التي تشنها الحكومة حالياً مع أهوال الثورة الثقافية التي وقعت في الفترة (1966-1976) في تركستان الشرقية.8كتابات جيمس ميلوارد، حول الوضع في تركستان الشرقية خلال الثورة الثقافية، حيث وصف في تقاريره “حرق القرآن؛ والمساجد، والمزارات، والمدارس، والمقابر الإسلامية قد تم تدنيسها وإغلاقها، إهانة الشيوخ ورجال الدين، حظر الزي الرسمي، قص شعر النساء الطويل أثناء سيرهم في الشارع”، التي تشبه إلى حد كبير ومباشر أشكال القمع التي تمارسها في تركستان الشرقية اليوم. انظر: جيمس ميلوارد، مفترق طرق أوراسيا: تاريخ شينجيانغ (نيويورك: مطبعة جامعة كولومبيا، 2007)، ص. 275.

في حين أن هناك أوجه تشابه كبير في سياسات القمع المتبعة بين كلا الحقبتين، إلا أن نطاق ما يحدث في يومنا هذا يجعل حملة القمع القائمة حالياً منفردة عن غيرها، ويعود ذلك إلى الإمكانيات التي باتت تتمتع بها الدولة في قدرتها على استخدام التقنيات المتطورة للتنبؤ بوقوع الجريمة وحوادث التسلل حتى داخل البيوت التي تعد أكثر الأماكن أماناً. ويعيش السكان الترك في تركستان الشرقية أصعب فترة منذ عقود طويلة، حيث تعاني الشخصيات الدينية الأويغورية من العبء الأكبر من هذا القمع.

هناك احتمال إلى تزايد ممارسات حملة الحكومة الصينية لتشمل القضاء على كافة الجوانب الرئيسة للهوية الأويغورية التي تشمل المعتقدات والممارسات الدينية وصولاً إلى الإبادة الجماعية بموجب القانون الدولي.9أثناء النشر، وصفت عدة حكومات معاملة الأويغور على أنها إبادة جماعية، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وهولندا. كما توصلت دراسات أخرى إلى نفس الاستنتاج. انظر معهد نيو لاين، ” الإبادة الجماعية للأويغور: فحص انتهاكات الصين لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948″، 8 آذار 2021، https://newlinesinstitute.org/uyghurs/the-uyghur-genocide-an-examination-of-chinas-breaches- of-the-1948-genocide-convention/، وانظر BBC، “الأويغور: “أدلة ذات مصداقية”، “الصين تنفذ إبادة جماعية”، 8 شباط 2021، https://www.bbc.com/news/uk-55973215 وبدلاً من الاستجابة للمناشدات على مدى السنوات الثلاث الماضية التي تدعو إلى اغلاق معسكرات الاعتقال واحترام حقوق شعب الأويغور، فقد تمادت قيادة الحكومة الصينية في زعمها أن سياستهم لا تشوبها شائبة. ورغم الانتقادات المتزايدة التي تعرضت لها الحكومة، فقد أشارت السلطات الصينية إلى أنها ستواصل حملتها وهذا يتضح جلياً في استمرارها ببناء المعسكرات وتزايد توجهها نحو الأعمال القسرية.10إيمي لير، وإفثيميا ماريا بشراكيس، “ربط المواضيع ببعضها في شينجيانغ: الاستيعاب القسري للعمل الإجباري وسلاسل التوريد الغربية”، مركز للدراسات الاستراتيجية والدولية، 16 تشرين الأول 2019،, https://www.csis.org/analysis/connecting-dots-xinjiang-forced-labor-forced-assimilation-and-western-supply-chains

وعلى الرغم من اتخاذ المجتمع الدولي بعض الخطوات الصغيرة للرد على هذا القمع، إلا أنّ الانتقادات كانت في معظمها خجولة، إنْ لم تكن صامتة تمامًا. فالحكومات مُلزَمة بالتصريح والإعلان عن هذه الانتهاكات بأعلى صوت. وقد استجابت الحكومة الصينية، وإنْ كان ذلك بشكلٍ دفاعي، مع الإدانة والبيانات العامة القلِقة، ولكن الحكومات المماثلة في التفكير والتي تدرك عواقب ومآلات السماح الضمني بمثل هذا النوع من السلوك لابد وأن تتعاون في دحض الانتهاكات. فبدون استجابة قوية، ستكون هوية الأويغور نفسها – التي يلعب فيها الدين دورًا هامًا- تحت تهديدٍ أخطر من أي وقت مضى.

دراسة حالة رقم 1: عابدين أيوب

عابدين أيوب هو قائد ديني يحظى بمكانة قديرة، فقد كان الإمام السابق لمسجد القيرق منذ حوالي 30 عاماً، كما عمل أستاذاً لدى معهد شينجيانغ الإسلامي قبل تقاعده بحوالي 20 عاماً. يبلغ عابدين أيوب من العمر ما يزيد عن 90 عاماً.

يتبين من الأدلة المتوفرة أنه قد احتجز غالباً داخل معسكر في الفترة ما بين شهر كانون الثاني إلى نيسان من عام 2017. حيث تشير وثيقة المحكمة إليه بأنه “وريث الفكر الديني المتطرف” وأنه “عنصر فعال في عملية الإصلاح من خلال التعليم”، الأمر الذي يؤكد بأن خلفيته الدينية كانت سبباً في احتجازه. هذا وأشار قرار المحكمة إلى أن عابدين أيوب قد عانى من تدهور حالته الصحية اعتباراً من شهر آيار عام 2017. وبناء على الدليل الذي تقدمه قاعدة البيانات الخاصة بضحايا شينجيانغ، يحتمل أنه محتجز في كيزيلسو.

دراسة حالة رقم 2: أبلاجان بكري

كان أبلاجان بكري إمام وخطيب يوم الجمعة لمسجد قرقش. كما تقلد مناصب قيادية مختلفة في الحكومة تشمل نائب رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي لمقاطعة قرقش، ونائب رئيس اللجنة الإسلامية لمحافظة هوتان، إضافة إلى رئيس اللجنة الإسلامية لمحافظة قرقش.

اعتقل بكري في عام 2017، وحكم عليه حينها بالسجن لمدة 25 عاماً بتهمة “انتهاك القانون”، ومع ذلك فقد بقيت التهم الموجهة له غير واضحة. أُدرجت قضية بكري في وثيقة قرقش المسربة، التي أشارت له 17 مرة بصلته بضحايا آخرين، فالكثير من طلابه قد اعتقلوا بتهمة علاقتهم به. وبناء على الدليل الذي تقدمه قاعدة البيانات الخاصة بضحايا شينجيانغ، يحتمل أنه محتجز في أورومتشي.

دراسة حالة رقم 3: أحمد متنياز

كان أحمد متنياز إماماً لمسجد لانجر بمدينة أكسو، فهو عالم دين مشهود له بين شعب الأويغور حيث كان في السابق الأمين العام لجمعية أكسو الدينية الإسلامية.

منحته الحكومة الإقليمية في عام 2015 جائزة “القدوة في تحقيق الوحدة العرقية وإحراز التقدم”، كما كانت تنشر له عبر الصحافة الصينية اقتباسات عن دعمه للسياسات الحكومية المتعلقة بالدين. كان أحمد واحداً من بين 90 عالم دين ممن استقبلهم شين جوانجو، أمين الحزب الإقليمي، بتاريخ 30 تشرين الثاني لعام 2016، وألقى في ذلك الوقت خطاباً بمشاركة ثمانية علماء وأئمة آخرين (انظر أدناه).

وحسبما أفاد الشهود، فقد أُرسل أحمد إلى أحد المعسكرات مع بداية عام 2017. وفي نهاية العام، حُكم عليه بالسجن لمدة 25 عاماً بتهم غير مبررة.

صورة لكل من أحمد متنياز (على يسار الصورة)، مع أمين الحزب الإقليمي تشين كوانغو (على يمين الصورة)، خلال ندوة عن “الشخصيات الدينية الوطنية الإسلامية” بتاريخ 30 تشرين الثاني 2016. لقطة شاشة: XJTV.

صورة لكل من أحمد متنياز (على يسار الصورة)، مع أمين الحزب الإقليمي تشين كوانغو (على يمين الصورة)، خلال ندوة عن “الشخصيات الدينية الوطنية الإسلامية” بتاريخ 30 تشرين الثاني 2016. لقطة شاشة: XJTV.

Related Research

Surveillance Tech Series: DJI’s Links to Human Rights Abuses in East Turkistan

Twenty Years for Learning the Quran: Uyghur Women and Religious Persecution

Genocide Tours: European Travel Companies in East Turkistan

Policing East Turkistan: Mapping Police and Security Forces in the Uyghur Region

FEATURED VIDEO

Atrocities Against Women in East Turkistan: Uyghur Women and Religious Persecution

Watch UHRP's event marking International Women’s Day with a discussion highlighting ongoing atrocities against Uyghur and other Turkic women in East Turkistan.

Play Video